Quantcast
Channel: منتديات النهار الجديد أون لاين
Viewing all articles
Browse latest Browse all 15897

" خائن السوق " !

$
0
0
مجموعة أهم الأحداث: "إذا ربح فلان فسيربح خائن السوق..." مثال عربي شعبي عامي عفوي ، صالح منذ التنبؤ الافتراضي لتلكالسمكة، التي تنبأت بما يحمله الوافد الجديد إلى هذا الكون إلى يوم يبعث حاملا معه ملفه الشخصي باليد اليمنى أو اليسرى.
والمثال يعبر ببساطة و عفوية أن خيانة الأسواق هي المرتبة الأخيرة الذي يمكن أن يصل إليها أي شقي في حياة الدنيا...
و لتعريف، خائن السوق ليس ذلك اللص البائس الذي يغتنم فرصة زحمة و فوضى الأسواق و محطات النقل ليدس يديه في الجيوب المتسوقين أو الراكبين ، أو غير ذالك...

عسى أن ينظفها من بعض "الدريهمات" والكثير من الأحيان يجدها خاوية أو ينال من الضربات و صيحات المتسوقين أضعاف و أضعاف ما يحصل عليه من جيوب الناس ، و في الكثير من الأحيان يفقد حياته "ويروح في دهس الرجلين وصيحات المتسوقين أو الراكبين "...
وإنما المثل يقصد الذين يتحكمون عن بعد في جيوب الآخرين بدون أن يدسوا أياديهم فيها و إنما الجيوب نفسها تندس في أيديهم كرها أو طواعية...
هذا المثل ينطبق بقوة على حال أسواقنا ( أسواق العالم العربي- الإسلامي بصفة خاصة) ، أين أصبحت جيوب المتسوقين مفتوحة وكل الأيادي مدسوسة فيها وتعبث في "محتوياتها" وكل الطرق تؤدي إلى تلك الجيوب "المهللة" و "المثقوبة" من كثرة الدس و الجذب ...
والأسواق بمفهومها الواسع كل المعاملات التجارية التي تتم بين التاجر و المستهلك ابتدءا من سوق بمفهومه التقليدي المتحكم فيه الخضار و البقال... بقيادة "الجزار" وما أدراك ما الجزار... المتعاملين مباشرة مع بطون الناس متلاعبين بأوتارها مبتكرين أحدث الوسائل لذلك ، من الغش في النوعية مرورا في الاحتكار و "تلهيب" ( من اللهب) الأسعار وتعطيش الأسواق لتعطش الأفواه وتجوع معها البطون وتستنزف معها تلك الجيوب "التعبانة" و المرهقة أصلا ...

وصولا إلى آخر ابتكاراتهم العبث في دقة الميزان تحت قاعدة "التوازن بين السعر والوزن" ، بالمفهوم أن التاجر لا يستطيع رفع السعر لكسب الزبون و لذلك يتم التلاعب في الكمية، (بالمعنى العامي ليعطيها باليمين يأخذ أضعافها باليسار).
مرورا بالتجار الآخرين من الحرفيين و الغير الحرفين ، من "السباك" إلى "النجار" و "الدهان"... على رأسهم "بناء" صاحب الشهرة في كيفية استنزاف صاحب المنزل كما و كيفا...
والغريب في الأمر ، أن هذا الأخير رغم الامتيازات التي يقدمها له صاحب المنزل من أجر مرتفع وكما يحدده هو (بناء) إلى توفير له غذاء خصوصي باللحوم الحمراء أو بيضاء محروم منها ،ربما ، حتى أبنائه .
وهو تقليد قسم منه "كرم الضيافة" وإحسان للإنسان يقدم جهدا عضلي في منزله وقسم آخر يدخل في إطار " ملئ الفم لتستحي العين" ، أو أكثر صراحة "رشوة مقننة" لكي ينتزع صاحب ذلك البيت من ذاك "البناء" الإتقان في عمله...
لكن كل ذلك ،وفي معظم الأحيان، يذهب سدى "لأن من تربى على شيء مات عليه " ، ومن لا يستحي حتى ولو تملأ بطنه عسلا وجيوبه ذهبا لا يعرف للحياء منطقا ...
على كل حال ، هذا المثل الشعبي العفوي برهنت الأيام على صدقه ، فكثير من هؤلاء الذين نظفوا جيوب و خزائن الناس وغشوهم سرا و علنية وبخسوهم أشياءهم و حقوقهم ، بخسهم الزمان و نظفهم من كل ما حصلوا عليه من خلال ما كسبوه من سطو وتعدي على حقوق الآخرين...

نهاية هؤلاء غالبا ما تكون عند مداخل الأسواق وبالقرب من "مراحيضها النتنة" ( أكرمكم الله) ، وعلى حواشي الطرقات و بالقرب من "المزابل العمومية " وفوق وتحت الجسور القديمة وأياديهم ممدودة إلى جيوب الناس ، لكن هذه المرة توسلا و استعطافا من تلك الجيوب التي نهبوها ومزقوها شر التمزيق...
والغريب في الأمر ، أمثال هؤلاء التجار الذين خانوا أمانة الأسواق حتى في شهر رمضان المبارك وجعلوه فرصة لتضخيم ثرواتهم ظلما وعدوانا وتعديا على حرمات أيام هذا الشهر ليلة فيه (ليلة القدر) أحسن من ألف شهر...
وإذا كان متوسط عمر الإنسان لا يتجاوز السبعين في أغلب الأحيان ، على المرء تخيل أكثر من 83 سنة يمكن أن يجنيها هذا الإنسان من هذه الليلة المباركة . لكن بالتأكيد ، ليس بالغش و الاحتيال واكل أموال الناس ، بالخصوص الصائمين ، بالباطل ...
ومع ذلك ، هؤلاء التجار وأمثالهم تجدهم أكثر فئة شوقا وحنينا لملاقاة هذه الليلة المباركة ونيل بركاتها وتجدهم ، بالخصوص العشرة الأخيرة ، أكثر الناس تردد على المساجد عسى أن يكونوا من الأولين...
هؤلاء التجار الذين يفضلون ، في مثل هكذا أيام من شهر مبارك، رمي سلعهم في "المزابل" و على حواشي الوديان ، سلع تفسد ويصيبها التلف بسبب غلاءها وعدم قدرة جميع الناس اقتناءها ...
قلت يفضلون (التجار) رميها ولا يرضون خفض أسعارها على الأقل لاسترجاع رأس المال وتمكين الناس وبالخصوص محدودي الدخل والفقراء من الاستفادة منها...
مشاهد تزيد الإنسان إلحاحا لمعرفة هل هناك إسلام واحد أو لكل واحد إسلامه الخاص يتصرف فيه كما يشأ . إسلام من أسسه الأساسية الواضحة و المفهومة أن الإيمان بالله لن تكون كاملة إذا تخلى المرء عن شرط من شروطه (الإيمان) ومن بينها عدم إيذاء الناس وعدم أكل أموالهم بالباطل ، بمفهوم "ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء"...
وكيف يعقل أن يطمع الإنسان أن ينال هذه الرحمة الربانية وهو نفسه لا يؤمن بها و يسعى جاهدا لتحويلها إلى نقمة و بؤس و شقاء ...
وما تلك القصة المذكورة سابقا ، إلا تعبيرا عن العلاقة بين الرحمة الربانية ورحمة الإنسان لأخيه الإنسان . القصة ، أن أناسا بعثوا إلى علماء كبار في الدين و الفقه و العلوم الشرعية في بلد آخر شاكين و مستفسرين عن سبب عدم هطول عندهم الأمطار لمدة طويلة جدا ...
فكان جواب هؤلاء العلماء مختصرا في التعبير وفي عدد الكلمات ،قائلين لهم "شوفوا إذا كنتم لا تسرقون في الميزان" ، بمعنى الشعبي "شوفوا إذا كنتم لا تخونوا الأسواق...".
وإذا تفحصنا الميزان من هذا المنظار نجده مختلا وينطبق على القوم بالتمام و الكمال كلام الله ، عز و جل ، للمطففين الذين يتلاعبون بالكيل والميزان...
أما المفهوم العام للميزان هي العلاقة التي تربط بين أفراد المجتمع في جميع التعاملات ، وهي مختلة اختلالا رهيبا :
من عدم الوفاء بالوعد ، بمعنى إذا واعد خالف ، وخيانة الأمانة وشراء الحق بالمال وإيذاء الآخرين ماديا و معنويا كالذي يتاجر في مواد تلحق أضرارا بالإنسان ، كما ذكر سابقا...
أو كالذي يستثمر في الزراعة مستعملا مياه "القذرة" مصادرها قنوات الصرف الصحي المتجمع من مجاميع عمرانية ونفايات صناعية مصدرها المعامل وطبية مصدرها المستشفيات و المراكز الصحية والمخابر الطبية ...

وتراه عندما يبيع تلك المحاصيل الملوثة و"المسرطنة" (سرطان) يؤدي بتلك الأموال الملوثة فريضة الحج قائلا أنه "ذاهب لغسل عظامه" ، كأن الحج بالنسبة له "حماما" وليست فريضة دينية ذات دلالة ومغزى كبيرين .
والمصيبة الأكبر ، بعد عودته يعود إلى تجارته بنفس أساليبه القديمة و ليعود في السنة المقبلة لأداء مرة أخرى الفريضة، وهكذا.... ومنهم من يؤدي العشرات منها متصورون أن ذنوبهم "غسلت" تماما حتى العظام ، مستعملين عبارة " إن الله غفور رحيم" متجاهلين أنه أيضا "شديد العقاب" وهو القائل ، و قوله الحق : {وَلاَ تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ} الشعراء:183.
ولو تسأل أحد منهم لماذا اللجوء إلى هذه الأساليب المضرة بالبيئة و الإنسان يجيبك بدون أدنى شك "عدم وجود المياه الكافية للسقي كل تلك المحاصيل بسبب عدم هطول الأمطار" ...
وهو عارف ومدرك عدم وجود المياه الكافية لمثل هكذا محاصيل ، فمن اجبره على استثمار في ذلك الميدان إلا الطمع وحب الكسب السريع ولو على حساب صحة الجسدية للآخرين والسلامة الصحية للمجتمع ...

أو كما هو مشاع في كل فصل الصيف ، عند ارتفاع درجات الحرارة ونقص في الطاقة الكهربائية أو عدم كفايتها للاشتغال المبردات ، يلجأ الكثير من التجار إلى رش اللحوم وبالخصوص الحمراء بمواد تستعمل أصلا للحفاظ على جثث الموتى قبل عملية الدفن ، قد يفسر ذلك جزءا من انتشار بقوة الأورام السرطانية وما شابها التي تفتك فتكا بالأجسام البشرية ، ربما حتى الأجنة في بطون الأمهات...
وهذا، على حسب وجهة نظري، أبشع و أقذر أنواع "سرقة الميزان" ، ربما هذا النوع الأخير هو ما كان يقصدونه أكثر هؤلاء العلماء في قولهم " شوفوا إذا كنتم لا تسرقون في الكيل و الميزان"...
بمعنى أكثر وضوح ، أرادوا القول لهم "فتشوا عن مصائبكم في أسواقكم ومعاملتكم وعدم دقة مواعدكم المختلة مثل اختلال موازين أسواقكم...





حمدان العربي الإدريسي
(الموضوع الأصلي 2008)


" ohzk hgs,r !


Viewing all articles
Browse latest Browse all 15897

Trending Articles