Quantcast
Channel: منتديات النهار الجديد أون لاين
Viewing all articles
Browse latest Browse all 15897

الراعي والرعية (يا سيدي )

$
0
0
الراعي والرعية
كثير من الناس الذين يتولون مناصب ينسون حقيقة وضعهم، فيظنون أنهم أصلاء في وظائفهم، بمعنى: أن هذه الوظيفة هي استحقاق لهم بمقتضى نسبهم أو وجاهتهم في المجتمع وطيب أصلهم، ومن ثم يتعاملون مع من تحت قيادتهم من الناس باستعلاء كبير،فلا يستشيرونهم ولا يقبلون منهم اعتراضًا أو اقتراحًا، وكلما علا المنصب القيادي تبدى هذا الأمر في أوضح صوره، حتى أضحت ملكية خاصة لهم ، يفعلون ما يشاءون ويتصرفون كما يريدون من غير اعتبار ، ويتصرفون في الأموال العامة وكأنها ملك خاص لهم، فلا تستطيع أن تدرك الفرق بين ملكية الدولة والملكية الخاصة لهم ، والويل لمن يعترض أو يسأل ويقول عن هذه التصرفات: لماذا...؟ وأين...؟ وكيف...؟
لقد أوجد هذا الاستعلاء بالباطل فجوة عميقة بينهم وبين جمهور الناس، تمثلت في عدم مبالاتهم بمطالب الناس أو حوائجهم، وترتب عليه بطش المسؤول بالناس والسخرية منهم،وفي مقابل ذلك تجذرت كراهية الناس للمسؤول التي لا يبالي بمواطنيه ، ومن ثم تربص كل فريق بالآخر وحرص كل فريق على تحقيق أهدافه بأي سبيل، أما المسؤول فبقوة القانون الذي يتفنن في تطبيقه رغم جهله لمفهومه ، وليست هذه هي الحالة السوية التي ينبغي أن تكون الإطار الذي يحكم العلاقة بين الراعي والرعية، فالمفترض في العلاقة السويةأن تكون علاقة المحبة المتبادلة، وحرص كل فريق على الآخر، كل منهم يحاول بما في يديه وتحت تصرفه أن يوصل للآخر ما ينفعه ويحتاج إليه، يوضح ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، ويصلون عليكم وتصلون عليهم،وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم» (الراوي: عوف بن مالك الأشجعي، صحيح الجامع). والصلاة هنا معناها: الدعاء فالعلاقة بين (الراعي والرعية) علاقة (التراحم والمحبة) فكلاهما يحب الآخر، فلا الراعي يظلم الرعية، ولاالرعية تبغض الراعي وتحقد عليه، بل يصل التراحم بين الفريقين إلى حد أن يدعو كل منهم للآخر،
وقد حرصت الشريعة في كل مصادرها على تلافي هذه النتائج والآثار كلها، بأن تكون العلاقة بين (الراعي والرعية) قائمة على المحبة والتواد والتناصح، فقال صلى الله عليه وسلم: «إن الدين النصيحة» (الراوي: تميم الداري، صحيح الترغيب) ثم بين أنهالله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم، وقال أيضا: «ثلاثة لا يُغِلُّ عليه نقلب المؤمن: إخلاص العمل لله، والنصيحة لولاة المسلمين، ولزوم جماعتهم، فإن دعوتهم تحيط من ورائهم» (الراوي: جبير بن مطعم، صحيح ابن ماجه). ومعنى قوله لا يُغِل عليهنّ قلب مؤمن أَي لا يكون معها في قلبه غَشّ ودَغَل ونِفاق، ولكن يكون معهاالإِخلاص في ذات الله عز وجل، فهذا في نصيحة الرعية للراعي وموقفهم منه ومناصرتهمله، ولأن العلاقة قائمة على التبادل في إرادة الخير والنفع من كل فريق للآخر، فكماكان هذا مسلك الرعية فكذلك مسلك الراعي، حتى إن الرسول صلى الله عليه وسلم قد حذرالراعي الذي يهمل في سياسة رعيته ولا يجتهد في مصالحهم الدنيوية والأخروية ولاينصح لهم، لأنه قصر فيما وجب لهم عليه فقال: «ما من أمير يلي أمر المسلمين، ثم لايجهد لهم، وينصح، إلا لم يدخل معهم الجنة» (صحيح مسلم). أو يظلمهم ولا يعدل معهم في تعاملاته ويميز بينهم بلا مسوغ فقال: «ما من رجل يلي أمر عشرة فما فوق ذلك، إلاأتى الله مغلولا يوم القيامة يده إلى عنقه، فكه بره أو أوثقه إثمه، أولها ملامة،وأوسطها ندامة، وآخرها خزي يوم القيامة» (الراوي: أبو امامه الباهلي في صحيح الترغيب)
لو تدبّر الخلق جميعهم الراعي والرعية تلك المعاني المتقدمة وعملوا بها وحرصوا على إنفاذها لكان في ذلك الخير كله، الذي يلف البلاد والعباد بالأمن والاستقرار،ويقيها شر التطاحن والانقسام



hgvhud ,hgvudm (dh sd]d )


Viewing all articles
Browse latest Browse all 15897

Trending Articles