خطأ إداري يكلف متاعب سنوات .. وخطأ طبي يكلف الحياة
![خطأ* إداري* يكلف* متاعب* سنوات*..* operation_236746168.jpg]()

سجلت وزارة العدلسنة 2012 أزيد من 120 ألف طلب تصحيح أخطاءإدارية لدى مكاتب وكلاءالجمهورية في المحاكم الإدارية، معظمها متعلقبأخطاء إملائية في الأسماءوالألقاب، خاصة عند ترجمتها من العربية إلىالفرنسية، بالإضافة إلى أخطاءفي تواريخ الميلاد والوفاة، كما أعلنتالمنظمة الوطنية لضحايا الأخطاءالطبية عن تسجيلها أزيد من 1000 حالة جديدةلمواطنين من مختلف الأعمار،تعرضوا للتعذيب على يد أطباء وجراحين، 50بالمئة منهم فارقوا الحياة، وهذاما يجعل الجزائريين محاصرين بالأخطاء فيالبلديات والمستشفيات، وحتىالجامعات التي باتت مسرحا لأخطاء فيالجملة في قائمةالناجحين وشهادات نهاية التخرج.
مازالت الأخطاء الإدارية في الجزائر تخلف سنويا آلاف الضحايا الذين يستغرقون شهورا طويلة، بل سنوات لتصحيح هفوات حولت حياتهم إلى جحيم، فمنهم من تغير اسمه وجنسه، وحتى سنه بسبب حرف أو نقطة تم إسقاطها سهوا من طرف أعوان الإدارة، الذين يشتكون كثرة الضغط، في حين يشتكي المواطن من كثرة الأخطاء التي قد تمتد إلى صحته، في ظل الارتفاع المرعب للأخطاء الطبية في المستشفيات، ليكون المواطن محاصرا بين الأخطاء الإدارية التي تكلف في الجزائر شهورا من المتاعب، قد تختلف الأسماء لكن الضحية واحد، وهو المواطن، الذي لازال يشكو من رحلة طويلة ومتعبة لتصحيح الأخطاء الإدارية، يبقى الشاهد الأكبر عليها وكلاء الجمهورية الذين يستقبلون يوميا مئات الطلبات لتصحيح الأخطاء التي تتعلق بالأسماء والأعمار ... وصراعات يومية أمام شبابيك الحالة المدنية.
الكل يستنكر لكن الأخطاء تتواصل ولا أحد يعاقب، فخطأ إداري في حق مواطن قد يستغرق أشهر طويلة من المعاناة بسبب نسيان حرف أو نقطة، الأمر بات مألوفا في الإدارة الجزائرية، فالظاهرة ليست بالأمر الجديد، لكن الخطير أن تتواصل وتتفاقم، ويبقى المواطن الضحية رقم واحد، ولتسليط الضوء أكثر على هذه الظاهرة واستقصاء أسبابها وتأثيرها على المواطن، قصدنا عددا من مصالح الحالة المدنية في بلديات العاصمة، والتي تشهد ضغطا كبيرا وشكاوى يومية لانتشار الأخطاء الإدارية، والأمر يتعلق ببلديات سيدي محمد، باب الوادي وواد قريش، مرورا ببلدية محمد بلوزداد والقصبة والمدنية، بالإضافة إلى بعض الدوائر على غرار دائرة بئرمرادرايس.
وبالرغم من حالة الإضراب والانسداد التي عاشتها بعض هذه البلديات، إلا أن شكاوى المواطن لم تتوقف بسبب أخطاء عطلت مصالحهم الإدارية والاجتماعية، وحتى الاقتصادية، فخطأ في كتابة اسم محمد الذي تحول إلى محمود في رخصة السياقة في دائرة بئرمرادرايس، كلف الضحية سحب رخصته من طرف مصالح الأمن بتهمة السياقة بدون رخصة، وكلفه الأمر غرامة قدرت بـ2000 دج، خطأ آخر راح ضحيته شاب في الثلاثين من العمر، استخرج شهادة ميلاده في بلدية الأصلية في بلدية سيدي محمد ليكتشف أثناء تقديم ملف زواجه في بلدية أخرى أنه تحول من ذكر إلى أنثى، ليتحول اسمه من وحيد إلى وحيدة، ليتسبب له هذا الخطأ في تأجيل عقد قرانه، ويقع في إحراج شديد مع عائلة زوجته الذين قدموا من ولاية "بجاية".
ضحية أخرى في الستين من العمر ببلدية بلوزداد، كانت في صدد إعداد ملف للاستفادة من منحة تقاعد زوجها بعد وفاته، أحدثت ضجة كبيرة أمام شبابيك الحالة المدنية، بعد خطأ في تاريخ ميلادها الذي تحول من 1950 إلى 2050 ليرفض ملفها، خطأ آخر في نفس البلدية كان بطله العون الإداري المكلف بالتصديق في النسخ طبق الأصلية، والذي صادق بختم البلدية على النسخة الأصلية لشهادة جامعية، بدل المصادقة على النسخة طبق الأصل، ليشرع الضحية في سلسلة من الشتم والسب، مما تسبب في فوضى عارمة.
تصحيح خطأ إداري في الجامعة يستغرق سنة
الجامعة هي مكان آخر لكثرة الأخطاء الإدارية، سواء في نتائج الامتحانات أو شهادات نهاية التخرج، ومن بين القصص التي استقبلتها الشروق اليومي، قصة طالبة أدرج اسمها في شهادة الطلبة الناجحين في شهادة الدكتوراه، والتي علقت على الجدران في كلية الإعلام والاتصال بالعاصمة، مما دفع عائلة الطالبة إلى إقامة احتفال ضخم بمناسبة قبول ابنتهم في صف الدكتوراه، وبعد 10 أيام تكتشف الطالبة أن القائمة تغيرت، ليسقط اسمها الذي أدرج خطأ، مما تسبب للفتاة في أزمة نفسية حادة، ما دفع أمها التي تشغل منصب رئيسة المرصد الجزائري للمرأة أن تقصد إدارة الجامعة، التي لم تكلف نفسها حتى بعناء الاعتذار للطالبة.
خطأ آخر ذهب ضحيته 10 طلبة، التقتهم الشروق اليومي، حملت شهادات تخرجهم المؤقتة خطأ في كتابة الأسماء، واستغرق الأمر 14 شهرا لتصحيح هذا الخطأ، ومنهم من لم يتمكن من تصحيحه بعد، والأمر عادي بالنسبة لإدارة الجامعة التي تشتكي من الضغط.
أعوان الحالة المدنية: "نحن لا نراجع ما نكتب بسبب الضغط"
تحدثنا إلى بعض أعوان الحالة المدنية، الذين أجمعوا أن الأخطاء سببها الأول هو كثرة الضغط، حيث يستقبل العون الواحد في اليوم أزيد من 150 مواطن، ويكتب ما بين 200 إلى 250 شهادة، ما يدفعه إلى الخطأ في بعضها، مؤكدين أن الأخطاء تصحح فور اكتشافها، وفي هذا الإطار أكد رئيس مصلحة حالة مدنية أن الموظف لا يعاقب عند ارتكابه خطأ إملائيا بسبب الضغط اليومي والأجر الزهيد وظروف العمل البدائية، لكنه يعاقب في حالة واحدة وهي التزوير، هذا الأمر بالنسبة للبلديات.
لكن الأمر يختلف في الدوائر، أين يستغرق تصحيح خطأ في رخصة السياقة أو جواز السفر وقتا أطول، ما يدفع بعض المواطنين إلى الحفاظ على وثائقهم بالأخطاء، بدل الانتظار لأشهر، وهذا ما حدث لمواطن في جواز سفره، حيث تحول إلى محل شبهة بعد أن تطابق اسمه مع أحد المطلوبين قضائيا، بعدما تهاون في تصحيح الخطأ، مما تسبب له في أضرار كبيرة في المطار، حيث احتجز لدى الشرطة لأزيد من خمس ساعات. أما محمد فقد ندم لأنه فكر يوما أن يصدر بطاقة تعريف بيومترية، يقول: "تم رفض الملف بسبب خطأ بسيط في شهادة الميلاد، جعلني أودع ملف تصحيح في المحكمة استغرق أربعة أشهر".
وأضاف أحد الأعوان العاملين في الإدارة، أن أكثر الأخطاء تتعلق في ترجمة الأسماء من العربية إلى الفرنسية والعكس، وهذا بسبب عدم التركيز في العمل، وبالنسبة لأكثر الأخطاء التي يطول تصحيحها، تتعلق بشهادة ميلاد الجد أو الأب، وكذلك الجدة أو الأم، والتي تعطل إصدار شهادة الجنسية، ما يكلف شهورا من المعاناة.
القانون يعاقب على الأخطاء الإملائية بالحبس والغرامة المالية
أكد المحامي سليم حميدي أن قانون الحالة المدنية يعاقب الأعوان الإداريين في حالة متابعة مدنية من طرف المواطنين، وتصدر العقوبة من المحكمة المدنية كأصل عام، لأن في بعض الحالات تخضع للمحاكم الجزائية، مثل حالة المخالفة المنصوص عليها وفق المادة 441 من قانون العقوبات، التي تشير إلى إمكانية معاقبة ضباط الحالة المدنية بالحبس من 10 أيام إلى شهرين، وبالغرامة من 500دج إلى 5000دج، أو بإحدى العقوبتين فقط، وأضاف أن ضباط الحالة المدنية يخضعون إلى رقابة قضائية ورقابة إدارية، فأما الرقابة القضائية فإنها مسندة إلى السلطات المخولة للنائب العام، بمقتضى نصوص المواد 24 - 25 - 26 من قانون الحالة المدنية، فإنه يجب أن يقوم النائب العام بنفسه بمراقبة سجلات الحالة المدنية أو عن طريق ممثليه، أما الرقابة الإدارية، فإنها مخولة لوزير الداخلية والجماعات المحلية.
واستنادًا إلى تقدير الوالي الذي يوقّف ضباط الحالة المدنية عن ممارسة مهامهم، في حال الحكم عليهم بعقوبة جزائية. وبالنسبة لإجراءات تصحيح هذه الأخطاء، فإنها تتطلب إجراءات معينة، منها التقرب من وكيل الجمهورية وتقديم وثائق معينة، وأضاف أن المواطنين مطالبون بتصحيح أي خطأ، مهما كانت بساطته، لأنه قد يؤثر سلبا على مصالحهم وملفاتهم، وإذا استعصى تصحيح الخطأ على مستوى البلدية، فيجب على المواطن أن يتوجه إلى مصلحة الحالة المدنية لدى وكيل الجمهورية.
الأخطاء الطبية تنسي الجزائريين في الأخطاء الإدارية
إذا كانت الأخطاء الإدارية في الجزائر تكلف شهورا من المعاناة، فالأخطاء الطبية تكلف الحياة، حسبما أكده للشروق اليومي السيد محيي الدين أبو بكر رئيس المنظمة الوطنية لضحايا الأخطاء الطبية، التي تضم أزيد من 1000 مريض، والذي كشف أن 50 بالمئة من قضايا الأخطاء الطبية في الجزائر مصيرها الموت، وأضاف أن العيادات الخاصة في الجزائر تحولت إلى "باطوارات"، كما تحولت المستشفيات الجزائرية إلى مقابر جماعية، بسبب كثرة الأخطاء الطبية، التي تحولت إلى ممارسات يومية بسبب الإهمال الطبي.
وتحدث مصدرنا عن المعاناة الكبيرة لضحايا الأخطاء الطبية، وسط تجاهل السلطات لمطالبهم في التعويض ومعاقبة المتسببين، وهذا ما جعل الأخطاء الطبية تتحول إلى جرائم دون حسيب ولا رقيب، وأضاف أن المحاكم الجزائرية تعرف آلاف القضايا المتعلقة بمتابعة أطباء وجراحين تورطوا في أخطاء طبية، تسببت في وفيات وإعاقة دائمة.. لكن جل الأحكام تكون في صالح الأطباء، ما جعل الضحايا يلجأون لأول مرة إلى البرلمان، قصد مساءلة وزير الصحة حول ظاهرة الفساد الصحي، التي تغرق فيها جل المستشفيات.
الشروق
الشروق
المصدر: منتديات النهار الجديد أون لاين - من قسم: منتدى الأخبار الوطنية و العالمية
o'H* Y]hvd* d;gt* ljhuf* sk,hj*>>* ,o'H* 'fd* hgpdhm